داء ألزهايمر Alzheimer's Disease


داء ألزهايمر Alzheimer's Disease إسم يوحي بالغرابة وربما القليل منا قد سمع عنه ولكن خلافا لما تعتقد فهو كثير الشيوع عند المتقدمين بالسن وربما تسمية العتاهة الشيخوخية (الخرف الكهلي Senile Dementia) هو أقرب للتصور. داء ألزهايمر مرض دماغي مترقي وأحيانا قاتل , يؤثر على وظائف الدماغ العليا مثل الذاكرة والتفكير والشخصية و هو أكثر أسباب الخرف شيوعاً  بعد سن 45. تقول احدى السيدات التي اُصيب زوجها بالمرض: "من الصعب والمحزن أن أرى زوجي الصديق الأوفى والأقرب إلى قلبي يختفي, طبعاً ذلك من أصعب الأمور أن أراقبه كل يوم وهو يذهب, إنه الآن لا يشبه الرجل الذي كنت أعرف, إنه غريب, أصبح مُعتمداً علي إلى حد كبير و أصبحت مركز حياته أصبحت أشعر بالوحدة لأنه ببساطة ذهب"

هناك نوعان من هذا المرض:
* الأول الغير الوراثي أو المُتفرق والذي قد يصيب الكبار بالسن من الجنسين.
* الثاني النوع العائلي والذي سببه طفرة وراثية نادرة. سبب النوع الأول غير معروف ولكن الباحثين والأطباء يبحثون عن الأسباب المحتملة كالكولسترول والإلتهاب. إن داء ألزهايمر هو أكثر الأسباب شيوعا للعتاهة (الخرف) وهو يُصيب واحد من كل 25 من الأشخاص فوق الستين سنة في البلدان المُتقدمة. لا يوجد شفاء ولا يوجد وسيلة أكيدة لوقف تطور المرض.


تصنيف رايزبيرغ لمرضى
ألزهايمر صنف رايزبيرغ مراحل ألزهايمر السريرية إلى سبع, تبدأ من الطبيعي إلى المرض المُتقدم
* مرحلة أولى: " طبيعي تماماً" لا يوجد أي تغيرات و هذه تشكل نسبة 20% فقط من الاشخاص فوق سن 65 سنة.
* مرحلة ثانية: " طبيعي بالنسبة للعمر" هناك أشياء شخصية مثل عدم تذكر أسماء أو مواقع الأشياء كما كانوا قبل 5-10 سنوات ولا يوجد دليل على أنها بداية لنقص أشد مع تقدم العمر.
* مرحلة ثالثة: مُتوافقة مع داء ألزهايمر خفي يتمثل في نقص الإنجاز في المواقع الإجتماعية والعمل, وهذا قد يُلاحظ من قبل زملائه وقد يضيع في السفر, أو نقص التركيز في ألزهايمر. تستمر هذه المرحلة 7 سنوات قد يوضع التشخيص في هذه المرحلة بشكل راجع.
* مرحلة رابعة: مرض ألزهايمر الخفيف, نقص تركيز وذاكرة وتكيف وسعة وظيفية, فقد يكون نقص التركيز كبيراً أو تكون الذاكرة الحديثة متأذية أكثر وقد يخطأ المريض في الحساب والنقود. تجد السيدة صعوبة في تحضير الطعام وإنجاز المهام المُعقدة, وكذلك نقص الإهتمام بالفعاليات الإجتماعية و تسطح المشاعر وأحياناً إكتئاب و لكن المريض ما يزال يستطيع الإهتمام بنفسه في هذه المرحلة يوضع التشخيص بدقة وتستمر هذه الفترة من 2-4 سنوات.
* مرحلة خامسة: ألزهايمر مُتوسط يكون المرض مُتقدم بحيث يمنع المريض من العيش بمفرده ويكون غير قادر على تذكر الامور المُهمة كإسم الرئيس أو البلدة ولا يوجد لديه تركيز في الحساب ويجد صعوبة في إختيار اللباس المُناسب للطقس أو فردة الحذاء المُناسبة, ومن الناحية النفسية لديه تسطح في المشاعر وأحياناً إكتئاب وتستمر هذه المرحلة من سنة ونصف إلى سنتين.
* مرحلة سادسة: ألزهايمر شديد متوسط يحتاج للمساعدة في الفعاليات اليومية والرعاية الدائمة وقد ينسى اسم شريكه والعنوان والعمل السابق وأحياناً اسم والده ولكن مايزال يعرف اسمه وأيضاً صعوبة في إرتداء الثياب والحمام وتترافق مع حالات هياج وغضب وإضطراب نوم وأحياناً عنف جسدي والسلبية وقد يحتاج للعلاج بالأدوية النفسية للسيطرة على ذلك.
* مرحلة سابعة: ألزهايمر شديد يحتاج الى مُساعدة على مدار الساعة وتترافق مع نقص في الكلام وأحياناً فقدانه وعدم القدرة على الحركة وهناك صعوبة في إطعامه وتحميمه و وسطياً تستمر لفترة من 2- 3 سنوات وغالباً ما يموت المريض بسبب إلتهاب بالرئة.

 
أعراض المرض الباكرة
بإعتبار أن المرض مُترقي فإن الأعراض الأولى قد تكون خفية وأحياناً لا تُثير الإنتباه و الملاحظة, والأعراض تختلف من شخص لآخر وتعتمد على المناطق المُصابة في الدماغ ولكن الأعراض التالية قد تكون من العلامات المبكرة:
* نوبات من فقدان الذاكرة.
* مشكلة في تذكر الكلمة المُناسبة لأشياء شائعة.
* صعوبات في إتخاذ القرارات.
* تخليط.
* تغيرات شخصية مثل الهياج.

 

الأعراض في المراحل المُتقدمة للمرض بمرور الوقت تزداد شدة الأعراض وتتضمن:
* فقدان ذاكرة لفترة طويلة وتتضمن نسيان أسماء أفراد من العائلة.
* عدم القدرة على القيام بمسؤولياته مثل العمل وأعمال البيت.
* عدم القدرة على الإهتمام بنفسه, مثلاً يحتاج لمساعدة شخص في الذهاب إلى الحمام.
* تغيرات عميقة في الشخصية.
* نقص في الكلام.
* في مراحل متأخرة يكون المريض طريح الفراش و يحتاج إلى شخص لرعايته الدائمة.


أنواع ألزهايمر
1- داء ألزهايمر المُتفرق هذا النوع يُمثل 90% من الحالات ويُصيب النساء والرجال في مُختلف الأعمار يمكن أن يُصابوا على الرغم أن مُعظم الحالات تحصل فوق سن ال 65 سنة وقد يحتاج الى 20 سنة ليتطور.
2- داء ألزهايمر العائلي نوع نادر من الطفرات الوراثية ويبدأ بعمر مُبكر قبل النوع الأول وتبدأ الأعراض من عمر 40 أو 50 سنة.


آلية المرض وسببه على مستوى الدماغ:
تتصل الخلايا العصبية مع بعضها بمناطق تُسمى التشابكات العصبية, في داء ألزهايمر هذه الإتصالات مقطوعة ومع تقدم المرض تختفي خاصة في مناطق الدماغ المُختصة بالتفكير. في دراسات على أدمغة المُصابين بهذا المرض بعد وفاتهم وجد بقايا من خلايا مُصابة تسمى حُبيكات ليفية عصبية  Neurofibrillary Tangles بالإضافة إلى لوحات نشوانية  Amyloid Plaques في المسافات بين الخلايا وهذه المادة ( النشوانية ) تتكون من تجمعات لبروتين يسمى بيتا أ مُكون من بروتينات غير طبيعية تسبب الأذية في هذا المرض. لاحظ الباحثون أن مادة بيتا أ تحول الأوكسجين الى ماء أوكسجيني والذي يخرب المادة الرمادية في الدماغ خاصة المناطق المُتعلقة بالذاكرة والتعليل والإستنتاج, وتتجه الدراسات للبحث عن الاسباب التي تجعل هذه المادة تتكون في بعض الناس وتسبب المرض و يبحثون أيضاً عن طرق للوقاية من التأثيرات السُمية لهذه المادة.

 


صورة مجهرية تُبين اللويحات النشوانية في مخ المُصاب (الأسهم). 


عوامل الخطورة بعض عوامل الخطورة تتضمن:
1- التقدم بالعمر: يزداد حدوث المرض مع تقدم العمر , حوالي ربع الناس فوق 85 سنة مُصابين بهذا المرض.
2- مُتلازمة أو مرض داون (المنغولية) تزيد من إحتمال الإصابة بداء ألزهايمر.
3- التاريخ المرضي العائلي: كل ولد لأب لديه ألزهايمر من النوع العائلي لديه إحتمال 50% للإصابة بهذا المرض.
4- عوامل بيئية مثل رضوض الرأس والشدة النفسية قد تلعب دوراً وهي تحت الدراسة. 5- في أغلب المرضى الأسباب أو عوامل الخطورة غير معروفة.


وسائل التشخيص:
التشخيص صعب لأنه لا يوجد تعريف مُحدد للمرض, فقط الدراسات بعد الوفاة تؤكد السبب.
التشخيص السريري في 90% من الحالات صحيح ولكن من المهم والضروري أن نستبعد وجود أي حالات مرضية تُشابه أعراض ألزهايمر مثل أورام الدماغ والإكتئاب وبعض أنواع سوء التغذية.
الوسائل التشخيصية تتضمن:
* القصة المرضية الجيدة.
* الفحص الفيزيائي.
* فحوصات الدم والبول ( تحري العتاهة ).
* فحص البول.
* الأشعات.
* التصوير الطبقي(الأشعة المقطعية) و التصوير بالرنين المغناطيسي.
* الفحص العصبي.
* الفحوصات العصبية النفسية.
* فحوصات وظائف الذكاء.
* التقييم النفسي.


معايير التشخيص السريري:
a) نقص إدراك مُتعدد يتظاهر ب:
1-فقد ذاكرة (عدم القدرة على تذكر معلومات جديدة أو إستدعاء معلومات قديمة ).
2- واحد أو أكثر مما يلي :
* إضطراب كلام.
* الخرق (عدم القدرة على أداء أعمال مُعينة على الرغم من سلامة جهازه الحركي).
* نسيان معرفة الأشياء على الرغم من سلامة جهازه الحسي.
* إضطراب في الوظائف الإجرائية ( تخطيط ,تنظيم , إستنتاج).
b) العيوب الإدراكية في 1 أو 2 تؤدي إلى تأذي إجتماعي أو وظيفي وتمثل نقص هام من حالته الوظيفية السابقة.
c) سير المرض المُترقي والتدريجي.
d) العيوب الإدراكية ليست بسبب:
* أمراض الجهاز العصبي الأخرى كالحوادث الوعائية الدماغية أو مرض باركنسون أو مرض هنتغتون أو الورم تحت الجافية أو الاستسقاء الدماغي أو الأورام الدماغية.
* حالات الأمراض الجهازية المُسببة مثل قصورالغدة الدرقية أو نقص في فيتامين ب12 أو فيتامين الفولات أو فيتامين النياسين أو زيادة الكلس أوالسفلس العصبي (الزهري) والأيدز.
* الحالات المتعلقة بالأدوية كأثر جانبي.

العلاج:
للاسف لا يوجد شفاء للمرض و العلاج الوحيد المتوفر هي العلاجات التي تدعم وظيفة الخلايا العصبية المتأذية وأدوية تخفف من الأعراض الثانوية للمرض مثل الإكتئاب. أما أدوية الجيل الثاني والتي تهدف إلى تثبيط إنتاج التأثيرات السُمية لبروتين بيتا أ هي في طور التجريب ولن تتوفر إلا بعد عدة سنين. وفي البلدان المُتقدمة هناك هيئات وجمعيات تهتم بهذه المجموعة من المرضى وتساعدهم.

دكتور محسن جنيدي-سوريا-حمص